اتحاد جبل عامل يعرض “مراحل تنفيذ مشروع الليطاني”.. 14 سنة و 500 مليون دولار، بدون خطة لمنع تلوث النهر؟
تبدو مشكلة معالجة مياه الصرف الصحي التي تصب في نهر الليطاني، هي حجر العثرة الأول، الذي يقف في وجه مشروع الليطاني – منسوب 800 متر- المشروع التنموي الأكبر في الجنوب، الذي مر على البدء بتنفيذه 14 سنة، ومن المتوقع أن تصل الكلفة المعتمده لذلك الى حوالي 500 مليون دولار أميركي.
ففي مؤتمر خصص، امس، لعرض مراحل تنفيذ المشروع، بحضور ممثلي مجلس الانماء والاعمار ومصلحة مياه الليطاني والشركات المنفذة. اضافة الى رؤساء اتحادات بلديات الجنوب والنائبين علي فياض وقاسم هاشم، ساد النقاش حول الجهة التي تتحمل مسؤولية تنظيف النهر، وبحيرة القرعون، وازالة التعديات على النهر والمياه الجوفية؟ ليصل النقاش الى ضرورة ” تحديد لجنة رفيعة الشأن تشرف عملياً على مكافحة تلوث النهر تمهيداً لتأمين مياه نظيفة للشفة وري أراضي أكثر من 100 قرية تستفيد من مشروع الليطاني، ضمن منسوب 800 متر”.
وقد بين ممثل مجلس الانماء والاعمار د يوسف كرم أن ” الجدوى الاقتصادية من المشروع وضعت عام 1998، وتمت دراستها عام 2002 ثم استحصلت الحكومة على تمويل من الصندوق الكويتي والذي تم استخدامه في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع”. لافتاً الى أن ” المشروع بدأ تنفيذه من نفق مركبا، مروراً ببلدة يحمر وصولاً الى يارين ( صور). عام 2002، وقدرت الكلفة حينها بحوالي 200 مليون دولار، استخدمت للوصول بالمشروع من بحيرة القرعون الى بلدة الطيبة، وفي العام 2015 تم تأمين مبلغ 280 مليون دولار من الجهات المانحة كي يتم استكمال المرحلة الأولى التي تؤمن مسالك المياه الى بلدة يارين في قضاء صور بما فيها محطات الضخّ”. وأشار الى أن ” المرحلة الثانية تتعلق بتأمين الخطوط الفرعية للمياه من الخط الرئيسي الى الأراضي الزراعية، اذ من المفترض أن يؤمن المشروع ري 13500 هكتار، بعد دراسة التربة والزراعات الصالحة فيها وحاجتها للمياه، على أن من المفترض وضع دراسة هندسية لشبكات المياه ومواكبة المزارعين وتوجيههم”.
وفي ما يتعلق في نوعية المياه ونظافتها، فان الخطة تقتضي تنظيف النهر، وما خص مجلس الانماء والاعمار هو حل مشكلة تلوث النهر من الصرف الصحي فقط، مبينا أن ” المجلس استطاع تشييد قسم من محطات تكرير المياه في الشمال والجنوب والبقاع”.
أما ممثل الشركة الاستثمارية المشرفة على المشروع المهندس يوريس فقد عرض مراحل تنفيذ المشروع والمخاطر التي تعرض لها، منها ” وجود كسارة في منطقة مرجعيون، أعاقت العمل لفترة قبل أن يتم معالجة الموضوع وتغيير مسار الأنابيب بزيادة كلفة مالية اضافية؟،( مع بقاء الكسارة؟)، واكتشاف مغارة كبيرة تشبه مغارة جعيتا، أثناء عملية الحفر في بلدة يحمر، تم تدشيمها والحفاظ عليها”. مبينا أن ” كمية المياه التي ستؤمن لأكثر من مئة قرية وبلدة جنوبية، تصل الى 90 مليون متر مكعب لري الأراضي، و30 مليون متر مكعب للشفه”. أما عدد القساطل التي يتم استخدامها لجر المياه فيبلغ 600000 قسطل، اضافة الى 20 خزان مياه بسعة 160 ألف متر مكعب.
يشار الى أن التنفيذ المتبقي من المشروع يتطلب تنفيذ اجراءات الاستملاك من قبل الدولة، ويتم العمل على اصدار المراسيم المتعلقة بذلك وتأمين الاعتمادات المالية اللازمة.
أما المدير العام السابق للمصلحة الوطنية نهر الليطاني النائب السابق ناصر نصرالله فقد اعتبر أن ” مشكلة تلوث المياه في النهر هي مشكلة وطنية بدأ التفكير بها جدياً هذا العام وقد تمت ارسال مذكرات مباشرة للمعنيين بمتابعة الصناعيين من المسؤولين عن تلوث النهر”.
ولفت النائب علي فياض الى أن المطلوب استكمال الشبكات الفرعية وتنظيف بحيرة القرعون في الوقت الذي يتم العمل فيه على استكمال الشبكة الرئيسية، مبينا أن الكلفة المتعلقة بالتكرير وانشاء شبكات الصرف الصحي في المنطقة ارتفعت حوالي 40 مليار ليرة بعد التلوث الحاصل في النهر لتصل الى تبلغ 1100 مليار ليرة ، من شأنها أن تؤمن التكرير ومد شبكات الصرف الصحي للقرى القريبة والبعيدة عن النهر التي يجب حل مشكلة مياه الصرف الصحي فيها الذي ينساب الى الآبار الجوفية المغذية للنهر، سائلاً عن الخطة اللاّزمة لتنظيف البحيرة؟.
واعتبر نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه أن ” الحملة التي شنت ضد تلوث النهر بدأت تعطي ثمارها، لكن المشكلة الكبرى في تكرير المياه، اذ يوجد في بعض المناطق محطات لتكرير المياه لا يتم تشغيلها، لتصب مياه الصرف الصحي في النهر” كاشفاً عن أنه ” في مدينة زحلة التي تضم أكثر من 200 ألف نسمة لا يتم تشغيل محطة التكرير الخاصة فيها، رغم صلاحيتها، لتجر المياه الآسنة الى النهر دون أن يحرّك أحد ساكناً”.
ويعتبر رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين أن ” الأهم هو تأمين محطات لتكرير مياه الصرف الصحي بعد انشاء شبكات للصرف الصحي في قرى وبلدات المنطقة”. وفي متابعة ميدانية أجرتها ” الأخبار”، فانه في مناطق مرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل ينعدم وجود شبكات للصرف الصحي، باستثناء بلدات تبنين ودير ميماس وبلاط. وفي البلدتين الأخيرتين يوجد معملين لتكرير مياه الصرف الصحي لكن ” هذه المياه ، بعد تكريرها، تصب في نهر الليطاني بعلم وزارة البيئة منذ عدة سنوات”.
وفي بلدة ديرميماس أنجز معمل لتكرير المياه، بعد التحرير في العام 2000، لكنه توقف عن العمل عدة سنوات لأسباب مجهولة، لتصب المياه الآسنة مباشرة في حقول البلدة، ومنها الى النهر. يشير مصدر يلدي فيها الى أن ” المحطة صالحة الأن، وقد أرسل المدعي العام البيئي فريقاً متخصصاً وأخذ عينة من المياه المكررة للفصل في صحة تلوث المياه قبل أن تصب في النهر”.
لكن أحد المتابعين لملف تلوث النهر أشار ل ” الأخبار” أن ” المعمل أعيد تشغيله مؤخراً بعد الاحتجاجات الأخيرة على تلوث النهر، بعد أن كانت مياه الصرف الصحي للبلدة تصب مباشرة في النهر”. في العام 2003 بنت البعثة البابوية محطة لتكرير الصرف الصحي لبلدتي القليعة وبرج الملوك الواقعتين على كتف النهر، الاّ أن هذا المعمل لم يتم تشغيله، سيما بعد أن سرق المولد الكهربائي وثلاث توربينات مخصصة لعملية التكرير اضافة الى خزان المازوت. لترمى مياه الصرف الصحي في الحقول القريبة من االليطاني.
قبل نحو 4 سنوات وافق الصندوق الكويتي على تمويل محطة تكرير ضخمة لخدمة 9 بلدات في قضاء مرجعيون ، لكن بعض البلديات اعترضت على مكان المحطة المنوي انشائها في سهل مرجعيون. مطالبين بتعديل المكان كي لا يكون له أثر سلبي المزارعين ومزروعاتهم. كما كان مقرراً انشاء محطة تكرير في وادي السلوقي، القريب من نبع الحجير، لكن النائب علي فياض رفض اعتماد هذا المكان، طالباً نقله الى مكان بعيد عن المحمية.
يحيل رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين المشكلة على الدولة، وتحديداً ” مصلحة مياه لبنان الجنوبي، المسؤولة قانوناً عن بناء وتنفيذ مشاريع الصرف الصحي”، معتبراً أن ” المحطتين الموجودتين في بلدتي بلاط وديرميماس، هي مشاريع صغيرة وغير مجدية، فالمنطقة تحتاج الى محطات تكرير كبيرة، لكن في كل الحالات يجب أن تكون هذه المحطات في الأماكن المنخفضة وبالتالي القريبة من النهر أو من ينابيع الحجير، لذلك يجب أن تكون هذه المحطات جيدة وفعالة لناحية التكرير السليم ومنع التلوث”.
من البقاع الى مرجعيون يوجد 13 محطة تكرير صغيرة لكنها غير كافية ومياهها المكررة تصب في النهر، وعند أي عطل أو خلل في التكرير يعني أن التلوث سيصب في النهر مباشرة. وعليه، يتوجب إيلاء دعم جاد لقضية معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في لبنان. وبحسب الخطة الرئيسية لمياه الصرف الصحي الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه والتي وردت في الاستراتيجية الوطنية لقطاع مياه الصرف الصحي عام 2012 أنه في المناطق الداخلية، ثمة محطتان عاملتان هما بعلبك واليمونة من أصل 42 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وهاتان المحطتان تعملان بأقل من طاقتهما: 10 في المائة و 50 في المائة على التوالي. وتم استكمال محطتين، النبطية والبقاع الغربي ، لكنهما غير عاملتين بسبب غياب شبكة الصرف الصحي. وهناك خمسة محطات قيد الإنشاء: كفر صير ويحمر وزوتر وتبنين وزحلة، و 14 محطة قيد التصميم.
القسم : الإتحاد في الصحافة - الزيارات : 4277 - التاريخ : 7/9/2016 - الكاتب : اخبار جبل عامل - داني الامين