بعد صدور القانون وتشكيل لجنة وصرف المال هل تصمد محمية وادي الحجير؟
رياض الأمين
في الثالث والعشرين من تموز من العام 2010 صدر القانون رقم121 القاضي بإنشاء محمية وادي الحجير الطبيعية في الجنوب. بعد عامين، صدر قرار وزير البيئة رقم 118/1 بتعيين لجنة للمحمية. وفي العام 2013 سُجلت لدى وزارة المالية كجمعية. جاء ذلك عقب مطالبة ومتابعة فعاليات ونواب المنطقة من أجل تأمين إطار قانوني للمحافظة على مساحات شاسعة من الأحراج في وادي الحجير وإدراجها ضمن لائحة المحميات الطبيعية في لبنان. وادي الحجير ذو الطبيعة الوعرة، يحمل رمزية هامة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، كونه ممرا طبيعياً بين مجمل قرى جنوب نهر الليطاني المحاذية أو المطلة على فلسطين المحتلة، وتشكل تلاله ومرتفعاته نقاطاً استراتيجية، تشرف على المنطقة الحدودية السابقة... ما جعله هدفاً دائماً لحملات العدو ومسرحاً للعديد من المواجهات. إلا ان ذلك لم يحجب عنه طابعه البيئي المتميز وما يتمتع به من تنوع بيولوجي هام أهّله لنيل صفة المحمية التي بحسب تعريف المحميات الطبيعية، هي «مساحة من اليابس أو البحر ذات الطابع الإيكولوجي الهام أو المنظر الطبيعي المميز، وهي ثروة طبيعية جمالية ثقافية وسياحية مخصصة لحماية وصيانة الموارد الطبيعية وخصوصاً التنوع البيولوجي». وعليه فإن المنطقة التي تعتبر محمية تمتد على النحو التالي:« من الشمال إلى الجنوب من مجرى نهر الليطاني في قعقعية الجسر وزوطر ويحمر أسفل مدينة النبطية حتى بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل ومن الغرب على كتف الجبل الممتد من ديرسريان حتى بليدا ومن الشرق على كتف الجبل الممتد من الغندورية حتى كونين»، بمساحة تقارب 1555 هكتارا. يفترض ان يطبق في هذه المحمية قانون المحميات، الهادف بالدرجة الأولى للحفاظ على الثروة الحرجية والنباتية والحيوانية والطابع الجمالي، عبر سلسلة إجراءات تطال عمليات الصيد والتخييم والرعي والبناء، أو جمع الحطب، أو أي نشاط ذي طابع تجاري أو زراعي أو استثماري. وسيطال أيضا بتدابيره رحلات التنزه التي تنتشر وسط الأحراج وقرب جداول المياه، لجهة تنظيم جمع النفايات وإشعال النار كذلك التحذير من بقايا الاعتداءات الإسرائيلية، عقب اعتماد الكثير من المناطق والمساحات النظيفة والآمنة المشار إليها بلوحات توجيهية تنتشر على طول الطريق المعبدة التي تمتد أكثر من 20 كلم وسط وادي الحجير.
لجنة المحمية
علي الزين رئيس اتحاد بلديات جبل عامل، ورئيس لجنة محمية وادي الحجير الطبيعية، يوضح أكثر طبيعة عمل اللجنة المؤلفة من خمسة أعضاء يمثلون عدة بلديات تتبع نطاق المحمية إلى جانب عضو عن الجامعة اللبنانية هو خبير الطبيعيات الدكتور محمد فقيه ورولا فقيه عن جمعية أصدقاء البيئة. «الهدف الأساسي للجنة هو رفع مستوى الوعي البيئي لدى المجتمعات المحلية والتواصل الدائم معهم، لذلك تم تعيين مدير للمحمية وحارسين، يتولون المتابعة الميدانية، عبر دوريات لمنع التعديات والمخالفات»، لافتاً إلى انه على خلاف بقية المحميات في لبنان، تنتشر في الحجير ملكيات خاصة، إلا ان مواصفات البناء والرخص خاضعة لقرار اللجنة، مع بعض الاستثناءات فية ما يسمى (البراح) أي الأراضي الواقعة على أطراف المحمية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العمل جار على إضافة أحراج وأراض ملاصقة وقريبة لم يلحظها النطاق الحالي وهو ما استدعى لقاءات تنسيقية مع البلديات المحيطة، للعمل على تحديد صلاحيات الاتحاد المشرف على اللجنة وتعميم الأهداف والتعريف بالواقع المستجد. يضيف الزين «أن اول موازنة أقرت للمحمية في كانون الثاني 2013 بلغت 66 مليون ليرة لبنانية خصصت لرواتب الموظفين وبعض التجهيزات، والجانب المالي حالياً هو على عاتق الاتحاد في ظل الواقع الحكومي الراهن». ويكمل تعداد مهمات اللجنة كالإشراف والتوجيه واستقطاب المشاريع التي من شأنها خدمة الهدف العام للمحمية. على سبيل المثال، إعادة ترميم قلعة دوبيه الأثرية الواقعة ضمن نطاق المحمية، والقيام ببعض الأنشطة التنموية والبيئية بمشاركة الأهالي.
مخطط توجيهي
يبقى أهم ما تم العمل عليه هو المخطط التوجيهي الذي تتولى إنجازه شركة خاصة بكلفة 100 ألف دولار أميركي، على ان يسلم قريبا، سيتم بموجبه ترسيخ قواعد وخطط تكون بمثابة تنظيم مدني لعمليات البناء وشق الطرقات وإنشاء شبكات المياه والاستثمار السياحي. في السياق ذاته وعلى صعيد الإنجازات التي قام بها الاتحاد ولجنة المحمية، حملة تشجير 14 ألف غرسة حول المحمية وإقامة دورات (مرشد بيئي) لأبناء المنطقة بالتعاون مع جمعيات أهلية. كذلك دعم مراكز الدفاع المدني في عدد من القرى المحيطة بخاصة تفعيل مراكز الإطفاء بالسيارات المخصصة للحرائق وتأمين مآخذ للمياه في عدة نقاط، إلى جانب الكادر البشري المختص عبر تأهيل فرق من السكان للتعامل مع مجمل الحالات الطارئة والكوارث المحتملة. ويوجد حاليا، بحسب الزين، آلية مخصصة للطوارئ (حرائق، رفع أنقاض، حوادث طرق) جاهزة للعمل في بلدات الاتحاد والمحمية، بلغت كلفتها 120 مليون ليرة لبنانية.
مخاوف ومعوقات
من أبرز المعوقات يقول الزين: هي إلى جانب الأعباء المالية التي يجب أن تغطيها الدولة بكاملها باعتبار المحمية جزءا منها يمثل سلطتها، هناك أيضاً مدى تقبل الجمهور وتفاعله مع قوننة حركته في منطقة يراها متنفساً مجانياً له، ومدى تفاعل الناس مع الحد من الفوضي التي لطالما صبغت تعاملهم مع الطبيعة. إلا ان أهم تلك المعوقات هو التلاعب على القانون والتسلل عبر ثغراته والتحايل على بنوده للوصول تحت عناوين سياحية إلى إقامة مشاريع معادية للبيئة كالكسارت والمقالع وهو أمر لا يخفي رئيس الاتحاد تخوفه منه ولا سيما إذا ما ترافق ذلك مع تدخلات سياسية لا تقيم وزناً بالعادة للمسألة البيئية.